|
||
سامحنى, أنا العمياء |
ذهبت أنا وأبي وأمي إلي المصيف وبينما كان أبي يقود سيارته إذ بمقطورة كبيرة تصطدم بالسيارة ولم أدر بعدها بشيء ... ولكني أفقت وأنا أتساءل لماذا انقطع التيار الكهربائي؟ صرخت بفزع أين أمي؟ لا ... لا بد أن أبى سيأتي غدا ويأخذني في حضنه إلى بيتي وإذا بصوت أمي تبكي بحرقة وهي تودعني ، عرفتها من صوتها الحنون وحضنها الدافئ، لا تخف يا حبيبي هترجع بيتك ويسوع هينور عينيك وقلبك ، ظللت أبكي حتى وصلت بيت المكفوفين ، واستقبلتني المشرفة بترحاب إلا أني لم أتكلم و لم أكل لمدة يومين. وفي يوم جاءتني المشرفة وتحدثت معي حديثا لا أنساه قالت لي ربنا قال : "لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون أن تحتملوا" فلا بد إنك إنسان قوي وأنا لا أريدك أن تخدم نفسك فقط بل أنك تخدم الآخرين وتتفوق في دراستك فأنت إنسان ذكي وعندك حب للآخرين لا تضيع وقتك فعليك رسالة. كان لكلماتها أثر السحر في نفسي وأخذت أردد أنا لست عاجزا "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" مرت السنوات و تفوقت في دراستي وساعدت كل كفيف بالمركز أن يستثمر مواهبه، وعندما زارني والدي في أول عيد رفضت مقابلته ولكن عندما دخلت محبة الله قلبي ، طيبت جروحي ومسحت دموعي وأصبحت إنسانا قويا. لكن القصة لم تنته ، فقد اضطر المركز أن يطلب من والدي أن يضمني إلى بيته بعد أن أكمل رسالته معي ولكن المشكلة أن أمي كانت قد ماتت وأبي تزوج و أنجب ولدا وبنتا وشعرت مرة أخرى أني شخص غير مرغوب فيه وعاملتني زوجة أبي بقسوة شديدة ، فكانت تتعمد أن تكرر كلمة الأعمى كثيرا في حديثها معي أو عني ، ولكن كل هذا لم يشغلني لأن الله ملأ قلبي بمحبة الجميع ، لكني شعرت أن أخي الأصغر يسير في طريق الهلاك بسبب رفقاء السوء، حاولت أن ألفت نظر والدي وزوجته فشتمتني واتهمتني بالحقد أنا الأعمى. وفي أحد الأيام لم يرجع أخي للمنزل حتى الصباح وظلت أمه تبكي و تولول فاتصلت بأحد زملائي بالمركز وكان يبصر قليلا وخرجنا نبحث عنه عند كل أصدقائه حتى وجدناه في حالة غير طبيعية فحملناه بصعوبة بالغة إلى المنزل، وما أن رأتني زوجة أبي حتى ضمتني إليها وهي تبكي وتقول سامحني يا ابني ...أنا العمياء وأنت البصير لقد أنار الله قلبك ... سامحني ... يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر ويقودك الرب على الدوام ( إشعياء 10:58) |