الكاتب Administrator    الأربعاء, 05 أكتوبر 2011 12:22    طباعة
اللطف: صفة من صفات الله
مقالات روحية

اللطف: صفة من صفات الله ؛ فيقول الكتاب المقدس : «فهوذا لطف الله» (رومية11: 22)، وأيضًا الانجيل يقول ان اللطف هو ثمرة من ثمار الروح القدس في المؤمن (غلاطية5: 22). وهو جزء مما يجب أن يتحلى به المؤمن الحقيقي

الانجيل يقول «فالبسوا كمختاري الله المحبوبين... لطفًا» (كولوسي3: 12).

واللطف ليس فقط بشاشة الوجه والكلام الجميل ،بل هو جوهر داخلي يرتبط بشركة صحيحة مع الله وشبع قلبي بالمسيح، فينتج عنه حلاوة المزاج ورقة الطباع، فنفكر في الآخرين بتواضع، ونهتم بخيرهم، ونرغب في خدمتهم، ونفضِّلهم على أنفسناحتى ولو كلفنا ذلك تضحية كثيرة.

إن وصية الروح القدس لنا «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض» (أفسس4: 32).

والمسيحي الحقيقي ليس فقط يتجنب الشرور والخطايا، بل أيضًا يتجنب الكلام الخشن والحدة في التعامل. ويجب أن تظهر صفات المسيح في حياته وكلامه, فيكون لطيفًا مع الآخرين؛ وهذا ينشأ من الشركة مع الرب.

قال أحدهم: ”إن كلمة اللطف هي أجمل كلمة تُعبّر عن نعمة عظيمة، وعندما نكون لطفاء، فإننا لا نسبِّب ألمًا للآخرين، بل بالعكس نخفِّف من آلامهم ونسبِّب سرورًا لهم. إنه سلوك الشفقة والعطف والمودة والحنان مع الآخرين“.
***

الله الآن يتعامل باللطف مع كل البشر حتى يرجعوا إليه بالتوبة والإيمان، فيقول الكتاب: «لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة» (رومية2: 4). وكل مؤمن حقيقي بالسيد المسيح و رسالته اختبر لطف الله في الخلاص، فلقد «ظهر لطف مخلّصنا الله... خلّصنا» (تيطس3: 4، 5).

وأيضًا نلمس لطف الله في كل أيام حياتنا من خلال رعايته وحفظه واهتمامه بنا, فلقد اختبر عبد إبراهيم هذا الأمر بعد أن وجد رفقة لتكون زوجة لابنه اسحاق , فخرَّ وسجد للرب وقال: «مبارك الرب إله سيدي إبراهيم الذي لم يمنع لطفه وحقه عن سيدي».

وأيضًا قال يعقوب شاكرًا «صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك. فإني بعصاي عبرت الأردن والآن قد صرت جيشين» ويوسف عندما كان في أرض مصر كان الرب معه وبسط إليه لطفًا (تكوين24: 27؛ 32: 10؛ 39: 21).

وتغنى داود قائلا: «لطفك يُعظِّمُني» (2صموئيل22: 36). وفي المستقبل سيُظهر الله في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع (أفسس2: 7).

فإن كان الله تعامل معنا باللطف وما زال يتعامل, فيجب أن نكون لطفاء في تعاملنا مع الآخرين.

إن اللطف الحقيقي نتعلمه من ربنا يسوع المسيح وكيف كان يتعامل مع النفوس , فالعشّارون والخطاة كان يحبهم ويقبلهم ويأكل معهم. والأطفال دعاهم واحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم. والجموع التي تراكضت إليه سلّم عليهم وعلّمهم وأشبعهم وشفى مرضاهم. والتلاميذ احتمل عدم فهمهم وعلّمهم على انفراد وشجعهم كثيرًا. لقد كان بحق لطيفًا مع الجميع!

واللطف المسيحي نابع من عمل الروح القدس، وليس هو المكتسب من التربية ومن المدارس ومن المدنية. كما أنه ليس لطفًا ظاهريًا، فيوجد من يلاطف الآخرين بألفاظ حسنة, لكنها في أكثر الأوقات لأجل غايات بشرية؛ فيكون كلامهم حلوًا والقلب مشحونًا بالكذب والغش.

واللطف ليس معناه أن نتساهل مع الشر أو لا نتمسك بالحق, فالرب يسوع الذي كان لطيفًا مع الخطاة ورقيقًا, كان أيضًا حازمًا فيما يتعلق بحقوق الله ومجده, وحادثة تطهير الهيكل تشهد على ذلك (يوحنا 2: 14- 17).

فمن جانب لا بد أن نكون لطفاء بعضنا مع بعض، ومن جانب آخر لا بد أن نتمسك بالحق ونرفض الشر.

ومن أمثلة اللطف في الكتاب المقدس ما فعله داود مع شاول الملك ,الذي كان يطارده ويريد أن يقتله؛ ولكن عندما وقع الملك شاول في يد داود وهو في الكهف لم يقتله بل أشفق عليه, فتأثر شاول الملك من معاملة داود اللطيفة ومن كلامه, فرفع صوته وبكى. (1صموئيل24).

وأيضًا ما فعله الملك داود مع مفيبوشث – الأعرج الرجلين – حيث بحث عنه وطمأن قلبه وردّ له كل حقول شاول أبيه، وليس ذلك فقط، بل جعله يأكل على مائدته دائمًا.

بينما عكس ذلك نجده في أصحاب أيوب الذين لم يكونوا لطفاء معه, إذ نسبوا إليه الرياء وأن هناك شرًّا دفينًا, فزادوا من ضيقته ومن ألمه، ودفعوه لكي يحامي عن نفسه.

فليحفظنا الرب من الخشونة والحِدة ولنكن لطفاء بعضنا مع بعض.

و ينبغي أن نكون لطفاء، ليس فقط خارج المنزل مع الآخرين, بل أيضًا داخل المنزل وفي العائلة, فيجب أن يكون الابن لطيفًا مع أبيه، والأخ مع أخوته

أخي.. أختي.. إن كثيرًا من تعزية الحياة متوقفة على مدى لطفنا مع الآخرين. فالحياة تصير تعسة إذا احتقرنا الأمور الصغيرة في آداب الحديث والجواب المبهج والوجه المبتسم.

ليعطنا الله أن نتعلّم اللطف الحقيقي منه، وذلك عندما نشبع به ونتمثّل به. ولتكن ذراعنا ممدودة للآخرين لمساعدتهم وإسعادهم، وليكن كلامنا معهم غير ثقيل، بل لطيفًا حانيًا, متذكرين القول المبارك: «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض».