"أفعل شيئًا واحدًا: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام، أسعى نحو الغرض لأجعل جعالة دعوة الله.." (فيلبي 3: 13، 14).

في هذا الفصل يُعلن الرسول بولس أنه قد تخلَّى عن كل شيء كان له حسب الجسد "ما كان لي ربحًا، فهذا قد حسبتُه من أجل المسيح خسارة" (ع7) هذه من ضمن الأشياء التي كانت وراءه. كان هذا في بداءة طريقه مع الرب، ولكن هل فشل بعد ذلك عندما قال: "أنسى ما هو وراء"؟ هل تخلَّف عن المستوى العالي الذي بدأ به؟ كلا. لم يتغيَّر فكره قيد شعرة. فلم يحسب كل شيء خسارة لأجل المسيح بسبب حرارة المحبة الأولى فقط، بل استمر يفعل ذلك "بل إني أحسب (في الحاضر) كل شيء أيضًا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي" (ع8) إن عزمه لم يضعف ذرة واحدة عن الأول، بل كان أكثر من حماسًا لأنه بينما حسب في الماضي كل الأشياء خسارة لأجل المسيح، فإنه يحسبها في الحاضر "نفاية" أيضًا،(8). لقد قويَت مشاعره أكثر، فلم يجد تعبيرًا أقوى من هذا ليعبَّر به عن سمو المسيح وأفضليته وحقارة كل شيء آخر، فقصَد أن يؤكد أنه لا تجوز المقارنة بين المسيح وأي شيء غيره. لذلك بادَر بالقول: "أنسى ما هو وراء".