"المُحمَّلين عليَّ من البطن، المحمولين من الرَّحم. وإلى الشيخوخة أنا هو، وإلى الشيبة أنا أحمل. قد فعلت، وأنا أرفع، وأنا أحمل وأنجي" (اشعياء 46: 3، 4).

أيتها النفس.. ما قولك إزاء عمل الرب نحوك؟ لأنه إن جاز أن ينزع خطاياكِ بفعل محبته، ويحرَّرك من الذات بقوة نعمته، فهل يجول بخاطرك فيما بعد أنه لا يرفع عنك الأحمال الأخف من ذلك بكثير؟ ألا يحملك؟ مما لا شك فيه أنه يحمِلك. أليس مدوَّنًا في كلمته "لكنَّ أحزاننا حمَلها، وأوجاعنا تحمَّلها"؟ (إشعياء4:53). يا نفسي لكِ هذا العزاء القلبي، إذ تعلَمين أنه ما من حزنٍ، مهما عَظُم. وما من همٍ، مهما كَبُر، إلا والرب قد جاز فيه. والآن بقلب ملؤه العطف والحب، يخاطبك قائلاً: "ألْقِ على الرب همَّك فهو يعولُك" (مزمور22:55). وإن كان يحمل ذلك الهَّم، فهو في الوقت نفسه يحمل صاحب الهَّم.

وإن كان قد طال بكِ الزمن يا نفسي، وأنت حاملة همومك، فكُّفى ما مضى، تعالي بأحمالك إلى ذلك الفادي المُحب القادر، وهو الذي يملأك راحةً وسلامًا. هو الذي يُمكَّن ويقوّي ويثبَّت. فهيا إليه.